ΑΝ ΠΕΘΑΝΕΙΣ ΠΡΙΝ ΠΕΘΑΝΕΙΣ, ΔΕ ΘΑ ΠΕΘΑΝΕΙΣ ΟΤΑΝ ΠΕΘΑΝΕΙΣ

(ΠΑΡΟΙΜΙΑ ΟΡΘΟΔΟΞΩΝ ΜΟΝΑΧΩΝ)

Τρίτη 27 Νοεμβρίου 2012

القديس لوقا المعترف أسقف وطبيب جراح


AHDONI
سامر عوض
Για τον άγιο Λουκά τον Ιατρό δες εδώ & εδώ

مقدمة

يلفتني كثيراً، ويثير انتباهي وإعجابي، التزم كنيستنا الأرثوذكية التعريف قدر الإمكان، بالقديس الذين عرفوا غاية خلق الله للإنسان، وبذلك فالقداسة عربون امتنان من قِبَل المؤمن، حيث يقول في ذاته: (سأكون كما أرادني الله). فليست القداسة إجتراح المعجزات، ولا القيام بما هو خارق....، بل هي العيش مع الله. وكفى بالإنسان أن يحب الله حتى يعيش حسب وصاياه ويتمم مشيئته، أما الغرض الأساسي من عرض و نشر سير القديسين ما هو السرد التأريخي، والاستزادة المعرفية ...، بل للتمثل بالله من خلال الذين أثبتت الكنيسة نجاح تجربتهم العملية، فأعترفت بهم واعتبرتهم ركناً من أركانها، فالقديس هو عمود نار عاش على الأرض، ماتريد السماء. يقول أحد الآباء من الكنيسة في روسيا¹: (لدينا معلومات ومعارف تفوق ما تتطلبه القداسة)، فالقداسة قريبة جداً منا أكثر مما تتصور، لأن كل إنسان مدعو وقادر على عيش القداسة(كونوا قديسين كما أنَّ أباكم السماوي قدوس)، لم يرد تحديد معين في هذه الآية.
أما قديسنا الآن فهو القديس لوقا المعترف، الطبيب الجرَّاح، والعادم الفضة، رئيس أساقفة سمفروبول وشبه جزيرة القرم، الذي عاش مابين الربع الأخير للقرن التاسع عشر، والعقد السادس من القرن العشرين، فلنغتدي منه لنعرف كيف للإنسان أن يكون أولاً في كل شيء.

سيرة حياته

ولد فالنتين في السابع والعشرين من نيسان عام 1877، في مدينة كيرتس التابعة لمنطقة بنطس اليونانية الغربية، في الطرف الشرقي من شبه جزيرة القرم، يتحدر من عائلة ياسينينسكي العريقة، إلا أن أبوه كان منبوذاً بعض الشيء لأنه كان كاثوليكي في وسط عائلة أرثوذكسية، وفد كان تقياً ومتديناً يمتهن الصيدلة، أمَّا أمه فكانت نقية وتقية لكنها لم تكن تتردد إلى الكنيسة، لتعثرها بما يدور بين الكهنة من مداولات ومداورات ومشاكل أثقلت قلبها، وللقديس أخوين غير ملتزمين كنسياً، وأخت كبرى تعاني اضطرابات نفسية أودتها دركة الانتحار، وآخرى مؤمنة وملتزمة. اضطر أبوه للانتقال إلى كييف (مؤول المسيحية الأولى في روسيا)، حيث كان يتردد الطفل فالنتين إلى دير اللافرا يومياً، وقد تعلم الرسم الذي كان موهبة مشتعلة في قلبه، حيث كان يرسم الحجاج والرهبان، وقد بقي مستواه في تطور متنامي إلى أن فاز بالجائزة الأولى من أكاديمية كييف للفنون الجميلة. أنهى دراسته الثانوية بالتوازي مع دراسته في أكاديمية الفنون الجميلة، وكي يصقل موهبة الرسم المتأصلة فيه، قرر أن يدخل الأكاديمية بعد إتمامه لدراسته الثانوية، إلا أنه شعر بأنه ليس من الممكن القيام بدراسة ما يريد وما يرغب، فقرر دخول كلية الطب كتعبير عن رغبته في العناية بالمرضى، وبعد ذلك ذهب لميونخ (ألمانيا) كي يدرس فنون الرسم بعد أن تردد قليلاً في ذلك، ثم عاد أدراجه إلى الوطن بسبب حنينه إليه، ودخل كلية الطب سنة1898 في جامعة كييف،

والمعروفة بمستواها العالي الرفيع

.
اطلع فالنتين على كتاب (ما أؤمن به)² للروائي الروسي ليون تولستوي، وقد أدرك هرطوقيه تولستوي لدحضه أسس الإيمان الأرثوذكسي، ومن ثم بدأ مطالعة الكتاب المقدس وقد نهل منه الكثير من اللآلئ، بالتوازي مع دراسته الطب إلى أن تخرَّج بتفوق سنة 1903م، وعيِّن الطبيب الشاب في إحدى المستشفيات، بمدينة (نسيتا) في الشرق الأقصى، كي يجري العمليات الجراحية، للجنود الجرحى في جبهة الحرب الطاحنة آنذاك بين روسيا واليابان.كان في (نسيتا) إلى جانب ممرضة تدعى آنا فاسيليفا، وكانت تُلقب بالممرضة القديسة، كان كلاهما عضوان في منظمة الصليب الأحمر، تبادلا عبارات الإعجاب إلى أن تزوجا، وقد بقي ملتزماً بالعمل الدؤوب والمتواصل، من الصباح إلى المساء. حتى أنه كان ينكب ليلاً على الأبحاث العلمية والدراسات، مما أشغله عن الكنيسة أيام الآحاد والأعياد، لكنه رغم ذلك كان يعامل المرضى كما كان القديسان قزما ودميان الماقنا الفضة، بالمداواة المجانية.
لقد أعدَّ أطروحة لنيل شهادة للدكتوراه سنة 1916، ونال الشهادة بدرجة ممتاز، وقد كان موضوع الأطروحة (التخدير الموضوعي)، وقد أثارت أطروحته إعجاب الدكاترة والأطباء والمهتمين بهذا المجال، وقد عيِّن رئيساً لأطباء مستشفى (بيروسلاف-زاليسكي) مابين سنتي (1910-1917) في المستشفى، وفي سنة 1920 أنتُخب أستاذاً في كلية الطب المُحدَثة جديداًً في المدينة، وقد استحوذ على مكانة رفيعة في مجال علم التشريح الطوبوغرافي والجراحة. وفي تلك الأثناء عصفت الثورة البولشفية، واندلعت بعدها بفترة وجيزة الحرب الأهلية، مما أثقل كاهله بالعمليات الجراحية المُكثفة، ولكن ألقيَ القبض عليه في هذه الفترة مدة ستة عشرة ساعة، كادت أن ترديه قتيلاَ

لولا لطف الله الذي أنقذه

.
مرضت زوجته بالسل وقد ساءت حالتها الصحية باضطراد إلى أن رقدت بسلام، عن عمر الثامنة والثلاثين، تاركة خلفها أربعة أولاد وزوج، لحسن الحظ أن الطبيب قد اصطدف بالمشفى ممرضة أرملة، وقد طلب منها أن تعتنى بتربية أولاده على أن تسكن معهم بغرفة

لوحدها، فقبلت بفرح

.
عُرف الطبيب وذاع صيته في جميع أنحاء المنطقة، لسعة اطلاعه ودقة عمله من جهة، وتعامله بإنسانية ورفعة خلق من جهة أخرى، لكن الشعور بالدعوة الكهنوتية قدانتابه، واضطرمت في قلبه الرغبة في أن يكون خادماً لمذبح الرب، وقد شعر بذلك الميتروبوليت إينوكنديوس رئيس أساقفة طشقند، فسامه شماساً في 26 كانون الثاني سنة 1921م، وكاهناً في الأسبوع التالي، يوم عيد دخول السيد إلى الهيكل، وقد طالب معترضاً عدم البقاء مع الممرضة لأن الحال لا يسمح له كرجل دين بالعيش مع امرأة تحت سقف واحد، إلا أن المطران إينوكنديوس قد عبَّر له عن ثقته به وأنه سيطبق الوصية الإلهية (لا تزنٍ). في هذه المرحلة وبعد شرطنته كاهناً لاقى فالنتين الكثير من الإضطهادات من قِبل طلاب الكلية وأساتذتها، أسوة بتضيقات الحكومة الملحدة....، إلا أنه استمر في القيام برسالته السامية. وعندما أُكره رئيس الأساقفة إينوكنديوس على اعتزال مهامه الأسقفية، بقيت الأبرشية يتيمة الأب والراعي...، وفي مؤتمر (إكليريكي –علماني) انتُخب الأب فالنتين أسقفاً ، وخلال فترة وجوده أصبح راهباً بإسم القديس الإنجيلي الطيب والرسام لوقا، فذهب سراً عبر سمرقند إلى مدينة بنسر كندا في 31 أيار 1923، حيث التقى هناك باسقفين شرطناه سراً، خوفا من الاضطرابات التي لاحقتهم ككنيسة

أينما ذهبوا وحيثما حلوا

.
بعد أيام قليلة من شرطنته أسقفاً، وفي مساء 7 حزيران1923، إذ كان يصلي دخل عليه رجال الأمن، واعتقلوه لما قد ورد من وشاية عنه، ومن حينها بدأت جلجلة المنفى المر، ودرب العذاب المضني، فقد استمر سجنه حوالي الإحدى عشرة سنة تنقل خلالها بين مدن و أصقاع عدة، عُذب و اُضطهد كأي سجين آخر، ورغم العذابات التي تعرَّض لها، إلا أنه بقي يبشر ويشرطن ويقيم الأسرار كأسقف لشعب الله، ويجري العمليات الجراحية ويطبب المرضى والمعوزين دون أجر فقد كان عديم الفضة، فضته كانت محبته للناس ومحبتهم له، أسقف المنفى كان أب وأخ وشمعة، كتب وصيته إلى شعبه، يحثهم فبها على السعي إلى المسيح الغاية العظمى لكل إنسان، على أن

تكون الكنيسة وسيلة للخلاص المُرتجى

.
عانى الأسقف لوقا كثيراً من مرارة المنفى، فقد دخل مرة إلى الكنيسة وإذا به يصلي راكعاً وخاشعاً، شعر باليأس فأدركته نفسه وأخفض عينيه إلى الأرض وخرج من الكنيسة خَجلاً من يأسه النابع من خوفه وشعوره بالحزن العميق، لما يتعرض له من مضايقات، وقد استمر درب الجلجلة هذا إلى أن انتهى به الأمر بالإفراج عنه في تشرين الثاني سنة 1925، لكنه وصل طشقند في أواخر كانون الثاني من سنة 1926،وأثناء رحلة العودة البحرية إلى وطنه اعترض المسير جبل جليدي أعاق المسير، وقد استقبلته الرعية بقرع أجراس الكنائس، وكان الفرح يعمُّ أهل المدينة، إلا أن زعماء تلك المنطقة فكانوا يكنون له الكره الشديد ويترقبون الذريعة المناسبة، كي يتخلصوا منه، فاتهموه بجريمة قتل أستاذ جامعي لمادة الفيزيولوجيا، فقد إعتُقل على الأثر مرة أخرى، وبعد عام من التحقيق و التعذيب، نُقِل إلى شمال روسيا ومن ثم إلى مدينة رئيس الملائكة (أرخانجيلس)³ وقد تحمل هذه المسيرة التعذيبية الثانية بصبر ورَوية، وفي لينيغراد طلب (كيرون) رئيس مجلس السوفيت في المدينة وعضو المكتب السياسي للحزب، من القديس كي يترك الكهنوت مقابل إعطائه أرفع مركز جراحي في مشافي المدينة لكنه رفض ذلك، كما وقد رفض نشر كتابه (المجلد الضخم حول مرض السيلان القيحي)، إذا لم تُذكر صفته

كأسقف

.
بعد عودة القديس لوقا إلى طشقند أواخر كانون الثاني 1926، طُلِبَ إليه ثلاث مرات على التوالي كي يتولى السدة الأسقفية في (الكورشلو) و(الأورال) لكنه تمنع بناءاً على سماعه لنصيحة أسقف جليل طاعن في السن استشاره القديس، فطالب القديس إحلته للتقاعد، و بدأ من جديد من حيث انتهى في بحوثه حول وباء (السيلان القيحي)، وبذلك تفرغ أكثر للعمل في حقل البحث العلمي الطبي.
وفي إحدى الأيام من سنة 1937، هجم ثلاثة من جال الشرطة منزل القديس، كي يقتادوه إلى مركز الأمن، بهدف التحقيق معه بصورة متواصلة ليلاً نهاراً دون راحة أو حتى نوم ولو للحظة، دام التحقيق معه ثلاثة عشرة يوماً، أُنهي بالتوقيع على (صك) يدل على اشتراكه في عملية مزعومة، للإطاحة بستالين الحاكم الديكتاتور، وقد استمر تعذيبه سنتين وهو محتجز، إلى أن صدر الحكم بنفيه إلى سيبيريا زهاء ثلاث سنوات، دأب فيها على مواصلة فعل الخير ومساعدة الآخر، ونقل الصورة الحقيقية للمسيح إلي مَن كان مِن حَوله، فقد كان

أيقونة وهاجة بين من إلتقاهم، أحب الكل والكل أحبه

.
وفي أيلول من العام 1943 التأم مججمع الأساقفة الروس المقدس، والذي عيِّن فيه المطران سيرجيوس بطريركا لسائر روسيا، وقد سُمِّيَ الأسقف لوقا رئيساً لأساقفة كراستوبارسك، لم يكن في المنطقة أي كنيسةٍ مفتوحة لممارسة الصلوات والخدمات، وبعد إلحاح دؤؤب منه سُمح له في شهر آذار من العام1944 بتشييد كنيسة صغيرة، وقد كانت خارج المدينة (في مقبرة بلدة نيكولا نفسك)، وعلى بُعد سبعة كيلومترات. وهو يقارب السبعين من العمر، إلا أنه كان يدأب على العمل الجاد والمتواصل في سبيل خدمة الرعية، وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها سنة 1939، ونيله ميدالية حكومية تقديراً لأعماله الخيرية، من خلال التخفيف من آلام الجرحى، والدفع بمهنة الطب إلى الأمام فقد قرر المجمع على أثر ذلك تعينه رئيساً لأساقفة سمفر وبول وشبه جزيرة القرم سنة 1943، والتي وصلها في

26آيار 1946 بعد أن أطلقوا سراحه من المنفى

.
واصل القديس عمله الرعائي والبشاري والأسراري، فكان الأخ القريب لكل فرد من أفراد رعيته، يخدم القداس بتقوى وخشوع، يحمل نير الكلمة عالياً وشامخاً. وقبل إلقاء محاضرة دُعِيَ إليها، مُنِعَ مِن إلقائها إذا لم ينزع عنه الرداء الكهنوتي والأيقونة (الأنكلوبيون) اللذين يرتديهما، لكنه رفض أن يساوم، فكان بذلك ويحق أسقف الحق والصدق والمحبة في زمن الحروب و الإضطهادات والشدائد.
منذ الخمسينات توقف عن ممارسة الجراحة، وبدأ بصره يضعف وحالته الصحية تسوء على إثر مرضه القلبي المصاب به سابقاً، وفي ربيع 1952 ذهب إلى موسكو وارتاد مكتباتها منكباً على القراءة حتى منتصف الليل، فساء وضعه البصري إلى أن انتهى به الأمر بعدم القدرة على التميز بين الألوان وبين الأغراض، وقد تقبل ذلك بصبرٍ ومحبةٍ واتضاع، شاكراً الله على نعمه الكثيرة التي أغدقه بها.
عانى الروس من موجة اضطهادات جديدة، أثمر عنها تهديم عشرة آلاف كنيسة ودير، خلال ثلاث سنوات، مما أَتعب الأسقف الجليل ومن حينها بدأت صحته بالتأخر أكثر فأكثر، إلى أن كان القداس الإلهي يوم الميلاد 1960، آخر قداس يخدم فيه، وأحد الغفران في السنة التالية هو آخير أحد وعظ فيه، إلى أن رقد بسلام الساعة السادسة من صباح الأحد 11 حزيران 1961، ذكرى الاحتفال بعيد جميع القديسين الروس، شُيِّعت جنازته سَيراً على الأقدام من الكنيسة إلى المقبرة، حوالي الثلاث ساعات ونصف، رغم التضيقات التي مارستها وفرضتها سلطات المدينة، متذرعة بأن الموكب سيعيق حركة السير، وُضِعَ الأسقف في قبر بسيط، تزينه ورود الحجاج، ويعبق

بصلواتهم وأدعيتهم

.
كان رئيس الأساقفة راسخاً في ضمير الشعب قديساً، قبل أن تُعلَن قداسته كنيساً، وقد تشكلت لجنة لدراسة حياته وأعماله وعجائبه، وقد أَعلنت الكنيسة في أوكرانيا قداسته كقديس محلي في 22 تشرين الثاني 1995، وقد أُعِدَّت له خدمة طقسية ورُسمت له أيقونة، وفي المجمع الروسي المقدس المنعقد بين 13و16 آب2000 أَعلنت الكنيسة في روسيا قداسته، ونُقِلَت رفاته إلى الكنيسة للتبرك منها، وسط جمهور غفير بلغ الأربعين ألف وبمشاركة مطران كييف فلاديمير، وعدد كبير من رؤساء الأساقفة، وقد حُدد يوم 11حزيران تذكاراً

سنوياً، كي تعيد له الكنيسة في هذا اليوم


.

إنجازات القديس على الصعيد العلمي الطبي وتكريمه عالمياً

طوَّر القديس في التخدير الموضعي، الذي يُخدر به مواضع معينة من الجسم، وذلك درءاً للمخاطر التي قد يُسببها التحذير العام من مضاعفات، ولعدم ضرورته في بعض الأحسان، ويُعَد مِن أول مَن قام بإجراء العمليات الجراحية مع نقل الدم، فقد كان بارعاً كل البراعة في استخدامه المشرط أثناء العمليات الجراحية.
بَعد عودته من المنفى إلى طشقند، وبعد سنوات طوال من البحث في مرض(السيلان القيحي) طَبع أخيراً البحث ككتاب، وقد لاقى استحساناً كبيراً لدى الأوساط الطبيعية في روسيا والخارج، وقد نال على الأثر جائزة ستالين مرتين، والتي كانت تعتبر جائزة حكومية كبرى في ذلك العصر، أسوة بالجائزة المالية (مئتي ألف روبل) وقد وزَّعها على الفقراء.
قام رئيس السوفيت المحلي مرة بتسليمه جائزة، وقد قال: (كنت أتمنى لو كنت تساعد أكثر زملاءك الأصغر منك سناً)، فأجاب الأسقف لوقا: (أنا أساعد الجميع وقد تشاطرت مع زملائي الأطباء خبرتي الطيبة، ولكن.......، كم من الوقت قد ضاع وأنتم تنفوني وتحتجزوني وتعذبوني بدون سبب)، فعمَّ الصمت العميق لتأخذ كلماته الصدى الكبير في نفس الحضور، وقد ردَّ الرئيس قائلاً: (دعنا نترك ما قد فات ونلتفت إلى الحاضر والمستقبل)، فأجاب الأسقف: (لا ..، لا..، أعذرني لن أنسى).
ولقد أرسل مهنئاً العالم إيفان بافلوف، بمناسبة الذكرى المئتين لتأسيس الأكاديمية التي يمارس الطب فيها.



خاتمة

عاش في بلاد روسيا طبيب جراح بارع، وباحث متعمق في الطب، ورائد في المجالات العلمية التي اختص بها، لكن هذه كلها لم تصرفه، عن ربِّ العلم والطب (يسوع المسيح)، فقد عرف كيف يستخدم المَلَكة التي منحه إياها الله، إذ استعمل الأشياء وأحب الله والإنسان.
فالطب والعلم بالنسبة إليه ما هو إلا مجرد وسيلة لتحقيق الذات في خدمة الله والإنسان والكنيسة، لم يسمح أن يكون العمل عرقلة للوصول إلى القداسة وعيش الفضائل، بل وسيلة لتحقيقهما وبلورتهما عملياً بالطريقة الواجبة الإتباع كنسياً وروحياً، مما لا يُحصر الفائدة في ذات الطبيب فقط، بمداواته المرضى وجنيه للمال والشهرة، إلا أن الأسقف لوقا قد حقق مجداً من نوعٍ آخر فقد أبقى لنا كبشر زوادات روحية وعلمية وطبية، كي يكون بالنسبة إلينا منارة أرضية وسماوية تهدي، وترشد وشمس تضيء وشمعة احترقت لتشعل وتنير مَن حولها..، فقد مرَّ على الأرض في أصعب الأوقات وأحلك الظروف إلا أنه رغم كل شيء عاش الحياة الحقيقية.

طروبارية باللحن الثالث

لقد أظهرتك نعمة المعزي قديساً جديداً في أوقات الاضطهاد والضيق، للأمراض طبيباً وشافياً، وللنفوس راعياً ومرشداً، فيا أيها الأب البار لوقا، يا مثال المتزوجين والمتوحدين، تشفع في خلاص نفوسنا.

قنداق باللحن الرابع

أيها الجزيل البر لوقا، لقد ظهرت شمساً في ليل الاضطهاد الحالك، لذا أيها المغبوط، تسكب في نفوس المعذَبين الراحة الإلهية

المراجع

حداد،إعداد جينا: سيرة القديس لوقا المعترف رئيس أساقفة سمفروبول وشبه جزيرة القرم، منشورات تعاونية النور الأرثوذكسية، لبنان، 2005.

الهوامش

1- اعتقد ان اسمه ميخائيل.
2- الكتاب ممنوع في الخارج.
3- تقع المدينة على البحر الأبيض، ويسودها البرد القارص تسع شهور في السنة.
4- كان مشاركا بالمجمع.
5- أتمنى ان تُتَرجم خدمة القديس الطقوصية، كي يتسنى لنا إقامة العيد طقوسياً بصورة كاملة ولائقة.
6- مرض يصيب عموماً من يمارس الجنس بطريقة غير شرعية، ومن عوارضة سيلان السائل القيحي من فتحة الشرج، وهذا المرض يصيب الذكور حصراً

Δεν υπάρχουν σχόλια: